نحن، والعالم بأسره نقف مكتوفي
الايدي والعقول ، وعاجزين حتي عن أضعف الايمان الذي عبر عنه الشاعر تاج السر الحسن عندما تعرضت دمشق لقصف عنيف إبان
الحرب العالمية الثانية ؛ قائلاً : .. يادمشق كلنا في الهم والاحزان شرق.
عجزنا وليد شرعي للعجز السوري الذي
عبرت وتعبر عنه بسفور المعارضة السورية المدنية والعسكرية.. فشل العقل السوري ممثل
في قمة هرم مفكريه ومثقفيه "برهان غليون" عن إدارة ازمته، وقيادة الجميع
علي طريق انهاء حكم الاسد ، ولقد عجز السوريون لأنهم انساقوا خلف خارطة النظام
والتي هدفت الي عسكرة الصراع "الثورة" ، بالطبع لا أحد يطلب من السوريون
الوقوف مكتوفي الايدي في وجه عنف الاسد والبعث، لكن سير المعارضة علي خطي السلطة
"حذوك النعل بالنعل" كان بداية الانحراف الخطير.. فعسكرة الانتفاضة، ثم
الصراع بين الجناحين العسكري والمدني، ثم فتح ابواب البلاد علي مصراعيها امام
مقاتلين أجانب موالين للمعارضة مثلت كلها انحرافات خطيرة وقاتلة..
إذا كان لابد من مقابلة العنف بعنف مضاد كان
ينبغي ايضاً الحرص علي ابقاء العنف المضاد قيد السيطرة بوضع حدود بحيث يكون هدف
المقاومة العسكرية هو الدفاع عن الانتفاضة السلمية وليس العمل علي اسقاط النظام
فنظام البعث يحتكم الي الي اجهزة قمع وجيش عقائدية لايمكن ان يتم عبر العنف
المقابل ..ثم ان جموح المعارضة العسكرية واعتقادها بانها اللاعب الاساسي ومنازعتها
للمعارضة المدنية أضعف الثورة ، كما ان فتح البلاد لمسلحين أجانب جعل إستعانة
والنظام بمقاتلي حزب الله أمراً لا يمكن دفعه! لقد وصلت الاوضاع في سوريا حداً
اصبح معه اطراف المسألة " الأصيلين " مجرد "وكلاء" وأصبح
الفاعلين هم "أصدقاء الشعب السوري وأصدقاء النظام!!".
كل هذه الفوضي في معسكر الثائرين ينبغي علي المعارضتين (المسلحة والمدنية)
السيطرة عليها حتي يمكنها من استعادة زمام المبادرة وقلب الطاولة علي نظام الاسد
لصالح ثورة سوريا ، فما يمثل أولوية هو ان تستعيد الثورة ويستعيد الثائرون تفوقهم
الاخلاقي.
تعليقات
إرسال تعليق