من أجل احياء الاجندة المدنية لمؤتمر الخريجين العام
مؤتمر الخريجين الذي تأسس
في العام 1938م بمبادرة من نفر من خيرة ابناء المدارس السودانية علي رأسهم الاستاذ
أحمد محمد خير، ولعب (المؤتمر) ادوار مدنية وسياسية مهمة في تاريخ السودان وقاد
المسيرة الوطنية نحو التحرر والاستقلال ، يعد بلا شك وفي الاساس اول منظمة مجتمع
مدني وطنية وحديثة في تاريخنا المعاصر، فتجربة المؤتمر في مجالات نشر التعليم
والوعي والتثقيف الاجتماعي تفوق تجربة نظيراته من المنظمات الوطنية التي نبتت
مؤخرا والتي يعمل معظمها بتمويل خارجي وتنفذ برامج في الغالب اجنبية، فتلك
المنظمات نشأت في المقام الاول كمحاولة لمجاراة المنظمات الدولية والاجنبية التي
ملأت الساحة وشغلت فراغات العمل المدني والحكومي ، بينما كان مؤتمر الخريجين في
نشأته الاولي مبادرة وطنية التربه والبيئة والهوي وهو وان تأثر بمؤتمر الهند
(كفكرة) الا انه لم يتأثر في عمله الا باحتياجات مجتمعه .
لقد أسهم مؤتمر الخريجين
اسهاما مقدرا في حقل التعليم حيث انطلق مؤسسا للعديد من المدارس والمعاهد الاهلية
كما أسهم "وهذا هو الاهم" في نشر الوعي الذي اكتسبه الخريجين
"المتعلمين" في مجتمعهم مما مهد لاحداث نقلة مهمة في المجتمع السوداني
باتجاه قيم المجتمع الحديث بما في ذلك القيم السياسية والوطنية المهمة لآية دولة
حديثة.
لكن انقسام مؤتمر الخريجين الي احزاب سياسية اشعلت نيران معرك حزبية
وتخلف عنها رماد أجندة المجتمع المدني الحديث، واصبح المؤتمر "مؤتمر
الخريجين" مجرد ذكري تاريخية في بضع اسطر من كتب التاريخ، كما اصبحت دوره
ومقاره وانديته ومباني مدارسه.. اثر كأثر المتاحف والمعابد القديمة، ورغم ان
انديته منتشرة في معظم مدن السودان (امدرمان/مدني/كوستي/..) الا ان تأثيره ماعاد
يتجاوز نطاق اعداد قليلة من المترددين عليها.
ان مما يحز في النفس ان
تصبح بلادنا مسرحا يعج بالمنظمات الاجنبية التي تعمل في مجال الاغاثة والمساعدات
من بعد الشعارات التي رفعها "المؤتمر" في اربعينيات القرن الماضي ،
فالمشهد الراهن غير معقول وليس في وسع اي شخص عاصر حقبة ازدهار مؤتمر الخريجين أو
قرأ عنها ان يتصور العبث الذي آل اليه مجتمعنا والضعف الذي تردت فيه منظماتنا
المدنية.
هذه مقدمة كان لابد منها
لننفذ بعدها للدعوة لإحياء الاجندة المدنية لمؤتمر الخريجين العام، وهذا امر ممكن
لو تضافرت الجهود وخلصت النوايا لإنتشال مجتمعنا من الوهدة التي يتحدر اليها وفيها
. واحياء الاجندة المدنية "الوطنية" لمؤتمر الخريجين يكون عبر تاسيس
كيان جديد يستوعب التغيرات التي طرأت منذ منتصف القرن الماضي (الوقت الذي انطفات
فيه شعلة المؤتمر) وحتي منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وهي تغيرات
سياسية واقتصادية واجتماعية اهم مافيها خروج المستعمر وقيام حكومات وطنية وانفصال
جنوب السودان وزيادة مهولة في اعداد الخريجين بالاضافة لإنهيار اقتصادي وتدهور
مستويات معيشة الناس وتفشي النزاعات والحروب الاهلية ..
ولإحياء اجندة مؤتمر
الخريجين ادعو لتأسيس "منظمة اندية مؤتمر الخريجين" لتكون منظمة وطنية
ومدنية ابوابها مفتوحة لكل السودانيين والسودانيات من خريجي المدارس الثانوية
والمعاهد والجامعات بشرط الالتزام بميثاق واهداف المؤتمر والالتزام بسداد إشتراكات
العضوية .. علي ان تتم صياغة دستور جديد و وضع هيكل للمنظمة علي المستوي القومي
وعلي المستويات الاقليمية /الولائية وما دون ذلك.
كما يجب ان تتم صياغة اهداف
جديدة للمؤتمر تشمل سعي المنظمة للإرتقاء بوعي المجتمع السوداني ونشر التعليم
والثقافة وتقديم خدمات الاغاثة والاسعاف والرعاية الصحية والعلاجية وسائر اعمال
التصدي ودرء الكوارث الطبيعية أو التي من صنع الانسان، وازالة اثار الحروب ودعم
برامج التعايش الاجتماعي السلمي ومحاربة العادات الضارة والتقاليد البالية...و وضع
الضمانات التي تحول دون انقسام اعضائه علي اساس سياسي عبر النص الصريح علي كونه
منظمة مجتمع مدني لا تحمل اي اجندة سياسية .
لاشك ان تاسيس هذه المنظمة
واحياء مؤتمر الخريجين سيوظف طاقات كبيرة ظلت مهدرة كما تخلق فرص عمل واسعة لأعداد
مقدرة منهم في وقت يعانون فيه الامرين من جراء ضيق فرص العمل والتوظيف .
ان منظمة أندية مؤتمر
الخريجين إذا غيض لها ان تري النور ستكون أحد أكبر واعظم منظمات المجتمع المدني في
السودان وذلك لما يتوافر لها من كادر مؤهل تاهيل رفيع وأعداد مهولة ، ولما يتوافر
لها من سند جماهيري والتفاف ودعم وسند شعبي لكونها منظمة متجزرة كمؤسسة وطنية في
وجدان الشعب.
تعليقات
إرسال تعليق