فيما هو أشبه بمعجزة أطاحت ثورات الربيع العربي
برؤساء كان الكثيرين يعتبرون وجودهم من البديهيات واستمرارهم من المسلمات
والحتميات، كانوا شئ اقرب الي القدر الذي لا مفر منه.
وفيما هو أشبه بحلم نصبت تلك الثورات رؤساء
آخرين أتت بهم امواج التغيير من المنافي التي كانوا مجرد غرباء فيها ومن السجون
التي كانوا نزلاء ورواد دائمين لها، ومكنت لسلطة جديدة لها غايات واليات واساليب
مختلفة، وعلي الرغم من أن أؤلئك الرؤساء وتلك السلطات لا تزال تكافح للإمساك
بناصية الامور وخيوط الحكم في اوضاع متغيرة ومتفلتة داخلياً و حالة انعدام او قلة
حلفاء ودعم خارجياً..
من هؤلاء الرؤساء الذين اتت بهم ثورات الربيع،
المعارض –سابقاً- الرئيس التونسي – حالياً - المنصف المرزوقي
فالمنفي السابق ورئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي خلف الرئيس المخلوع زين العابدين
بن علي يبلي حتي الان بلاءاً حسناً ويقدم صورة للرئيس الديمقراطي والمثقف المستنير
فالرجل ومنذ انتخابه ينأي بنفسه عن الصفة
الحزبية ويجتهد لأن يصبح رئيسا لكل التونسيين، كما انه يستوعب جيداً الظروف
والملابسات التي أوصلته لكرسي الرئاسة والطبيعة التوافقية التي صاحبت ترشيحه، لذا
لم تبدو عليه ولم تبدر منه أي بادره تشير الي ميل للتسلط والاستبداد والانفراد
بالرأي أو السلطة.
وهو يفهم جيداً الطبيعة الانتقالية التي تحكم
فترة حكمه وبالتالي يتجنب أي فعل قد يفهم منه انه يسعي لإستقلال نفوذه أو استقلال
وضع البلاد لتكريس صورته أو وضع حركته وحزبه السياسي في وضع افضل من باقي القوي
السياسية المتنافسة..
وبسبب
تفهمه لطبيعة دوره الانتقالي والتوافقي فان "المنصف" يظهر الان في صورة
"الأخ الاكبر لكل التونسيين" أكثر من صورة كونه رئيساً للجمهورية
وشاغلاً للمنصب الاول والاعلي في البلد، وبنجاح يحسد عليه يقف الرئيس الأن في مركز
قريب من الجميع ويمثل رمزاً يجمع ولا يفرق.. وبرغم الامواج التي تتقاذف سفينة
سلطته وبلاده ذاتها فان "المنصف" يلعب الان دور الربان الحكيم والمجرب،
الحازم والمتعاطف، والذي يثق الجميع في أقواله وأفعاله.
إن النموذج الذي يقدمه "المنصف" الي
الأن يضعه في خانة المثال الذي ينبغي تمثله وتقليده للعبور ببلدان الربيع من مرحلة
الحاكم الفرد المستبد الي مرحلة حكم القانون، ومن حالة التفلت وعدم الاستقرار
والانفلات الامني التي اعقبت سقوط انظمة الطغاة، الي حال سيادة النظام المتزامن مع
كفالة الحريات العامة والشخصية.
صورة الرئيس التوافقي والديمقراطي التي يرمز
لها ويمثلها الرئيس التونسي " المنصف " تقف في مقابلها صورة الرئيس
المثير للخلاف والجدل بل وللسخرية احياناً والتي يرمز لها ويمثلها الرئيس
"الاخواني" المصري "محمد مرسي" والذي بسبب انطلاقه من خانة
العضو الحزبي الملتزم باطر ضيقة والبعيد عن براحات الوطنية والقومية.. بسبب ذلك
ارتكب سلسلة من الاخطاء الفادحة والتي تجعل مقارنته بسلفه المخلوع "حسني
مبارك" ليست في صالحه ولا في صالح الثورة.
فليت "مرسي" وجماعته – الاخوان -
يتمثلون ويقتدون بالنظير التونسي وحركته الديمقراطية.
للأسف يبدو انه ما من نموذج يحتذي في هذه الرقعة من العالم، انها رقعة الخزلان ...
ردحذفالسيد المنصف يبدو انه يؤثر لعب دور الوسيط اكثر من دور الحكم بين التونسيين او الرئيس الذي تنتهي عنده المواقف..
وفي حدثين كان موقفه غير مفهوم، بالنسبة لم يحدث في مصر آثر المنصف ان يكون تبعا للنهضة فدعم مرسي واعتبر ما حدث انقلاب وهذا يعد تدخلا من الرئيس في شأن دولة مستقلة ..
يبدو ان النخب العربية لا تحسن تسنم زمام المسئولية ، غاية ما يحسنونه هو كتابة زاوية صحفية في صحيفة كل صباح يمارسون عليها ما تبقي من نميمة المساء