التخطي إلى المحتوى الرئيسي

للربيع العربي ثمار أخري لو يعلم الاسلاميون

  في واحدة من عمليات التزييف والكذب والتضليل السياسي والفكري والاعلامي التي تجيدها تيارات الاسلام السياسي، نجحت القوي المحسوبة علي (الحركة الاسلامية) في بلدان الربيع العربي؛ نجحت في تصوير وابراز الانظمة والحكومات التي سقطت وتهاوت تحت ضغط الغضب الشعبي؛ علي انها انظمة علمانية، وضعية، وليبرالية "ومن الممكن ان /يصموها/ لاحقاً بانها ديمقراطية، ان واتتهم الرياح". 
  لقد نجحوا في تمرير اكاذيبهم تلك بفضل تنفذهم الاعلامي والمالي ومساعدة جهات اقليمية ودولية عدة، وبرغم ان اقل جهد لتذكر صفات الانظمة التي سقطت، وهي ليست بعيدة عهد، يكشف انها كانت انظمة اقرب الي تيارات الاسلام السياسي منها الي أي تيار سياسي آخر.. قد يكون النظام التونسي مختلفاً قليلاً في ذلك عن باقي الانظمة الا انه ايضاً لم يكن نظاماً ليبرالياً بالمره " ولا علمانياً بمعني انه داعم لمختلف التيارات والشخصيات والعلمانية". صحيح ان الغنوشي وهو ابرز قيادات التيار الاسلامي في تونس كان منفياً ومطارداً، الا ان معظم مناصريه كانوا ينشطون في تونس بينما تعج سجون بن علي و بورقيبه قبله بألاف العلمانيين من الشيوعيين والليبراليين ومن الشخصيات العمالية، بينما كانت اجهزة امنه تتعقب ألاف العناصر الليبرالية أو المدنية ومن أؤلئك الرئيس المنصف المرزوقي،
  أما في مصر فان كل الحكومات ما بين الثورتين (يوليو/ ويناير) كانت أقرب للأخوان من اي تنظيم آخر وذلك لكون ان الناصرية لم تكن تياراً فكرياً أو سياسياً بالمعني المنضبط للكلمة، بل مجرد رابطة تضم المعجبين والمفتونين بشخصية وسحر وكاريزما الزعيم ناصر.. بينما يمثل الاتحاد الاشتراكي حلفاً لاصحاب المصالح والطموحات والاطماع علي اختلاف مشاربهم، بل ان عبد الناصر شاور الاخوان وأعلمهم بنوايا تحركه في 1952م وهم التنظيم الوحيد الذي كان علي علم بذلك التحرك ، والسادات اطلق يدهم ايام تلبسه لشخصية القائد (المؤمن)، بينما اطلق مبارك يدهم ليمرحوا في الانشطة الاجتماعية والاقتصادية (شركات توظيف/نهب/ الاموال) وحتي السياسية داخل مجلسي الشعب والشوري، وفيما كان الاخوان يمرحون في مصر مبارك، وكان ايقونتهم المصري الاصل القطري الجنسية (القرضاوي) يروح ويجئ الي مصر ويشارك في ملتقيات ذات تقاطعات مع مؤسسات النظام!، كان النظام في ذات الاثناء وبدعم مباشر للإسلاميين يتعقب ويطارد مفكرين (فرج فودة، ونصر حامد أبوزيد) لمجرد انهم تقدموا باطروحات علمية لم تعجب كهنة الاخوان والازهر. بل وتعرض أمن أولئك الباحثين الاكاديميين الشخصي والاسري لتهديد جدي بالتصفية وبالتفريق بينهم وزوجاتهم بموافقة وختم محاكم الدولة !!، وكان ادباء (حامل نوبل للأدب /نجيب محفوظ) يتعرضون للإغتيال والتصفية والتهديد المستمر علاوة علي اشانة السمعة بالوصم بالكفر والاساءة للدين الاسلامي!!
 ان الاسلاميين بلاشك هم من قطف ومن سيقطف أول ثمار نبتة الربيع العربي "وتلك ثمار مرة" وذلك فقط لكونهم الاكثر استعداداً لذلك، وهل كان من الصدف يبنما تكتسح صفوفهم البرلمانت الجديدة ويشكلون الحكومات في العام 2011م أن يشهد ذات العام وفاة ابرز رموز الاستنارة والعقلانية العربية (محمد أركون، فرج فودة، ونصر حامد)؟؟؟؟؟.
   لكن علي اي حال ستكون لتلك النبتة ثمار حلوة كثيرة لن يتمكنوا من قطفها مالم تتطرأ تغييرات عميقة علي فكرهم وطرائق عملهم .

تعليقات

  1. شكراً أنور سليمان على المقال الممتاز .
    و فعلاً استطاع الإعلام الإسلاموي أن يصور الأنظمة الديكتاتورية باعتبارها مرادف لليبرالية ، و بالتالي فإن الليبرالية شئ سئ و الإسلام السياسي هو بديله .

    لكن و بما أن حقيقة أي مفهوم لا تثبت إلا بالتجربة العملية ؛ فها هم أولاء الإسلاميون يبدأون مسيرة سقوطهم الأبدي ؛ هل لاحزت كيف تناقصت أصواتهم في إنتخابات الرئاسة المصرية مقارنة مع الإنتخابات التشريعية لمجلسي الشعب و الشورى ؟

    ثم أن الخطاب العاطفي الرقيق الذي قدمه مرسي لنظيره الإسرائيلي شمعون بيريز كفيل بنسف كل مشروعيتهم التي كانو يستمدونها من الإتجار بقضايا فلسطين . و سينهي التحالف بينهم و القوميين العرب الذي تعتبر قناة الجزيرة ثمرته .
    دعهم يصعدو عالياً لنضمن أن لا تقوم لهم قائمة عند سقوطهم الوشيك .
    تحياتي و متابعين .

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...