تعودنا علي الغموض الذي دائما ما يلف
مفاوضات الحكومة مع الحركات المتمردة وذلك بحكم حوجة المتفاوضين الي درجة عالية من
السرية حتي يتمكنوا من التوصل الي اعلي درجة من التفاهم دون ضغوط من الاطراف المزايدة
ذات الاجندة الحربية من لوردات وتجار الحرب، لكن الغموض الذي يكتنف مفاوضات الدول
"والجنوب اضحي دولة!!" لا نجد له مبرر.. اللهم الا الخوف من ردود الفعل
الرافضة ومن الخصوم السياسيين وتلك بطبيعة الحال لاتبرر الغموض لأن التفاوض بين
دولتين كاملتي السيادة يتطلب اصطفاف شعب كل دولة خلف حكومته ومفاوضيه الرسميين،
اما التفاوض بسريه ثم وقبل اطلاع الناس علي مضمون الاتفاقات يتم الترويج لها
بالحشود والتطبيل الاعلامي الغوغائي فذاك لايخدم القضية بشئ.
علي كل، فما تسرب حتي الان من تلك الاتفاقات
يؤكد حقيقة واحدة هي ان اتفاق أديس الذي أمضاه الرئيس ماهــو الا تجميع للاتفاقات
التي سبق ووقع عليها مفاوضو الحكومة؛ ثم تنصلت عنها حكومة وهيئات المؤتمر
الوطني ومنابر المزايدات التي اضحت معلومة
للجميع ومنها منبر السلام العادل ومنابر بعض المساجد التي يؤمها من يحسبون علي ما
يسمي بهيئة العلماء وهي الاتفاقات التي وقع عليها كل من "المساعد نافع علي
نافع، والسيد إدريس عبدالقادر وسيد الخطيب،والوزير عبدالرحيم..الخ" فما
الجديد الذي بدل موقف الصقور من الرفض الصارخ الي القبول بل والتهليل والاحتفال!!
بطبيعة الحال ليس ثمة جديد اللهم الا ان
الحكومة باتت تخشي تهديدات مجلس الامن وان الضائقة الاقتصادية مست أولئك الصقور
انفسهم نتيجة لخروج عوائد النفط وتصديره!!
فما يخص ابيي يظل الملف مفتوحا ويظل برتكول ابيي
الموقع كملحق لاتفاق السلام الشامل 2005م ساريا، وقد كان توقيع ذلك الاتفاق بالاساس
هو أس الاخطاء ثم اتي بعده الخطاء الثاني وهو تأجيل مسألة ابيي لما بعد قيام كيان
دولة الجنوب، وهاهو الخطاء الثالث المتمثل في ابقاء الملف مفتوحا في المستقبل وقد
كان في مقدور الحكومة ان تعلن ان برتكول ابيي ليس له وجود قانوني لأنه برتكول موقع
بين اطراف وطنية وينبغي فتح التفاوض حول مسألة ابيي من جديد علي اساس خلاف حدودي
بين شخصين من اشخاص القانون الدولي "دول". والتمسك بصيغة مرجعية حدود
1956م بين الدولتين فيما يتعلق بنزاعات الحدود الاخري "حفرة النحاس، كافي
كنجي، 14ميل..الخ" والتي لم يحسمها اتفاق البشير/ سلفاكير في أديــس.
وما يتعلق باشكال قطاع الشمال فليس ثمة جديد في
هذا الاتفاق بشأنها؛ وحديث عن فك ارتباط
الفرقتين التاسعة والعاشرة بالجيش الشعبي الجنوبي لايمثل امرا ذا بال اذ يتعذر
التحقق منه ، هذا علاوة علي ان الخلاف بين مايسمي بقطاع الشمال بالحركة وايضا مايسمي
بحكومة المؤتمر الوطني هو شأن شمالي علي حكومة الشمال التعاطي معه علي هذا الاساس
وتسويته باعتبار ان منتسبيه مواطنين في دولة السودان/الشمال.
علي كل حال فان هذا الاتفاق لايحمل في
طياته جديد يسر، بل وعلاوة علي ذلك ينطوي
علي بذور خلاف وشاق في ثناياه يمكن ان تتفجر في اي وقت مستقبلا مايقود الي نزاعات
كتلك التي شهدتها مناطق ابيي وهجليج فيما مضي.
ان هذا الاتفاق ينبغي رفضه كلياً أسوة بكل
الاتفاقات التي سبق ورفضت لما اوردنا من اسباب، ولكونه اتفاق لايحل اصل المشكلة
وانما يمثل فقط مجرد مخرج لحكومتي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية من ازماتهما
التي خلقاها بسياساتهما الخرقاء.
وحيث
ان فرص إجازة هذا الاتفاق "عديم الجدوي والمعني " بحكم ان الذي ابرمه هو
"المشير" وفيرة، وحيث ان مايسمي بالمجلس الوطني لايضم بين حناياه الا
"بصمجية" يدينون بالولاء المطلق للرئيس ومثلهم كل اعضاء المؤتمر الوطني
..عليه فان علي الشعب السوداني بمختلف فئاته ان ينهض بمسؤلياته ويطيح بهذا النظام
المتخشب وليكون من ثم علي حكومة مابعد الثورة ان تعالج القضايا العالقة مع دولة
الجنوب وماتخلف عن الصراع المسلح الاهلي في السودان.
تعليقات
إرسال تعليق