الاجراءات الانقلابية الاخيرة اعادت تسليط الضوء علي مسألة علاقة السياسي بالخدمة العامة، رأينا كيف اشتغلت اجراءات القائد العام و قراراته (منفرداً) عزلاً و فصلاً في قيادات الخدمة العامة "حتي النائب العام"، و رأينا الصدام و المواجهة خصوصاً من قبل السفراء بالمحطات الخارجية..
قبل ذلك رأينا كيف ان لجنة تعينات قوي اعلان الحرية و التغيير اشتغلت بلا ضابط و بلا قيد فنصبت العديدين في قمة اجهزة خدمة عامة دون ادني معايير استحقاق من اردول الا اخر مدير او رئيس جهاز!
عدم التداخل بين ماهو سياسي في شؤون الخدمة العامة المدنية و عدم تداخل الخدمة العامة في الشأن السياسي وبما هو غير مهني و فني امر يحتاج منا الي انتباه و أولوية لعدة اسباب، اهمها:
- ضمان اقصي كفاءة و فعالية لجهاز الخدمة العامة بحيث يصبح جهاز الدولة جهاز منتج و مفيد و يعمل علي تطوير امكانات و موارد و مداخيل الخزانة العامة، جهاز قادر علي الابتكار و التجديد و الابداع و ليس جهاز خامل يضم جيش من الطفيليين و عديمي القدرات و محدودي الخيال الذين يعيشون عالة علي الخزانة العامة منذ اول راتب و حتي فوائد ما بعد الخدمة دون ان يقدموا مقابل ذلك عشر فائدة او عائد..
- وضع قواعد تحدد حدود السياسيين و ما يسمح لهم بفعله في ما يخص الخدمة العامة و ما لايسمح لهم بتجاوزه من حدود.
- ايجاد قواعد سلوك و تصرف يلجأ اليها منسوبي الخدمة العامة و تحصنهم و تحصن الخدمة العامة من اي حالات تغول او اختراق او تصرفات غير قانونية و غير لائحية بالذات في حالات وصول سياسيين او عسكريين للسلطة بالانقلاب.
الخدمة العامة تبدأ من ادني السلم الوظيفي و تنتهي في قمته "من الدرجة العمالية و حتي وكيل وزارة" بالنسبة للقطاع المدني، و هذا التدرج غير كافي اذ يجب ايجاد قمة تشمل جميع المشتغلين في الخدمة المدنية "كبير الموظفين/ وكيل مجلس الوزراء" يكون هو المسؤول امام الجهاز السياسي و امام برلمان الشعب و امام القضاء المستقل و امام الرأي العام و ايضاً امام منسوبي الخدمة المدنية عن حسن سير اعمال الخدمة العامة المدنية و كفاءتها و اداءها و حمايتها من التدخلات الخارجية و من تهديد اياً من منسوبيها بالفصل او الحرمان من الترقي او اي خصومات مالية غير مبررة.
مثلما ان بالمقابل فان قائد الجيش و مدير الشرطة يمثلان قمة جهاز الخدمة العامة المهنية غير المدنية "العسكرية او النظامية".
ايجاد قاعدة سلوك امر مهم لأنه يضمن عدم خضوم المشتغلين بالخدمة العامة لاجراءات تعسفية كالفصل للصالح العام مثلما حدث عقب انقلاب ١٩٨٩م و من اجراءات كالتمكين و التي تدفع باشخاص من خارج الخدمة العامة و من داخلها لتتبوأ مناصب عليا حساسة و برافعة الولاء "سياسي او عقائدي سرعان ما ينحدر لمحاباة جهوية و قبلية و عشائرية" لا بشرط الكفاءة المهنية.
قاعدة سلوك و اخلاق مهنية و لوائح عمل و قوانين خدمة واضحة تضمن حماية العاملين بالخدمة العامة (في حال التزامهم بحدود وظيفتهم و صلاحياتهم و سلطاتهم) من القرارات المتعسفة بابعاد سياسية او حتي بالاهواء و المزاج الشخصي لرؤسائهم او شاغلي المناصب السياسية (الوزير المختص او رئيس الحكومة).
قاعدة سلوك تضمن عدم تحويل شاغلي المناصب العليا بالاجهزة المختلفة تلك الاجهزة لخدمة اجندتهم الخاصة او اجندة أخري سياسية او جهوية او خلاف ذلك..
قواعد سلوك و اخلاق مهنية تمكن العاملين بالخدمة العامة بمختلف درجاتها من الاعتراض و الامتناع عن تنفيذ الاوامر و التعليمات و التوجيهات التي تنتهك قوانين الخدمة و لوائح العمل دون ان يطالهم عقاب او غضب رؤساءهم بغير حق.
قواعد سلوكية تمكن العاملين بالأجهزة العسكرية و النظامية من اللجوء لحماية القانون و المحاكم العادية من سيف تسلط و استبداد القيادة العليا.
هذا في ما يتعلق بالأجهزة الرسمية المنشأة بموجب نص في الدستور او بموجب قانون مجاز من برلمان "شرعي" منتخب بموجب عملية ديمقراطية حرة و نزيهة او برلمان معين بموجب توافق سياسي واسع،
أما الأجهزة المنشأة في عهد دكتاتورية فرد او تنظيم "الدفاع الشعبي، الدعم السريع، الشرطة الشعبية، النظام العام، منسقيات الدفاع الشعبي و الخدمة الوطنية.. و غيرها من اجهزة خدمة الاستبداد" فإن علينا التوافق علي اعتبارها غير شرعية و خلق رأي عام واسع بهذا الخصوص و اعتبارها منحلة بمجرد سقوط النظام الاستبدادي.
تعليقات
إرسال تعليق