التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشهد الانقلابي و ازمة الانتقال !!

 (هل هناك خلاف بين البرهان و الكيزان؟ و بين البرهان و حميتي؟ و بين الكيزان و حميتي؟)


البرهان و حميدتي و الكيزان (بقايا المؤتمر الوطني) و فصيلي (جبريل و مناوي) يمثلون مربع الانقلاب.. و مربع رعاية و حماية مصالح عناصر النظام البائد و حراسة ارثه و تركته (من نهج الفساد و الافلات من العقاب...الخ)

و بعد فشل عودة النظام البائد بانقلاب ٢٥ اكتوبر او فشل محاولة تأسيس استبداد جديد، و الذي توج (الفشل) بالاتفاق الاطاري .. بدأت مظاهر توتر بين البرهان و عناصر المؤتمر الوطني (الذين كانوا بمثابة مكتب سياسي للجنة الامنية منذ ١١ ابريل و حتي ديسمبر الماضي /وقت توقيع الاتفاق مع الحرية و التغيير).. و بين البرهان و حميدتي و بين حميدتي و بقايا المؤتمر الوطني، فيما بقي الضلع الرابع (فصيلي جبريل ابراهيم و مني مناوي) في مركز هامشي و ان كان علي صلة "تحالفية" بكل الاضلاع الثلاث الاخري في هذا المشهد الخلافي المأزوم..

الرفض الشعبي لاجراءات ٢٥ اكتوبر و الاتفاق الاطاري الذي اقدم عليه المكون الانقلابي مضطراً و ليس عن قناعة برهن علي ان المربع الانقلابي ليس علي قدر كبير من الحصانة!

اخذ ذلك التوتر عدة مظاهر منها ما ابتدأ بمجرد بدء حوار المكون الانقلابي مع الحرية و التغيير و حينها لوحت بقايا المؤتمر الوطني و حذرت البرهان من انها ستحرك عناصرها في الجيش.. 

و مع زيارة وزير خارجية اسرائيل اخيراً صدرت اصوات ضعيفة (انين) من عناصر المؤتمر الوطني تنتقد الزيارة و التطبيع (و لم تنتقد في السابق لقاء البرهان نتنياهو في عنتبي كما لم تنتقد الزيارات المتبادلة و الوفود العسكرية و الامنية المتبادلة !!!!)

فالي أي مآل ستنتهي علاقة البرهان ببقايا المؤتمر الوطني؟ و الي أي مآل ستنتهي العلاقة بين البرهان و حميدتي و بين حميدتي و بقايا المؤتمر المنحل؟

ان علاقة البرهان ببقايا المؤتمر الوطني حلف مضطرين .. لا فكاك لأي منهما من الآخر .. فالبرهان هو الضامن الفعلي لسلامة و لإفلات الاسلاميين من المحاسبة و الاسلامويين هم الساعد الايمن لسلطة البرهان عبر كوادرهم المتغلغلين في الجهازين المدني و العسكري، و لأن المؤتمر الوطني وصل سياسياً الي طريق مسدود قبل سقوط النظام ما انتهي بكوادر صفه الأول الي السجن و المنافي الاختيارية، و ليس من المأمول و لا المتوقع ان تستطيع كوادر الظل من الصفوف الخلفية ان تأتي بجديد .. كما ان البرهان نفسه و مجموعته في اللجنة الأمنية تمثل كوادر الظل في المؤسسات الامنية و العسكرية و ليس لها أدني مقدرة علي احداث تغيير او اختراق في هذا المشهد يخرج عن صيغ العلاقة القديمة بين الاسلاميين (عسكر و مدنيين).

لكن ما يخص علاقة الاسلاميين (بقايا المؤتمر الوطني) بحميدتي، فمن الواضح ان الاسلامويين يريدون ان يركبوا موجة رفض الناشطين الثوريين و عداءهم له (جنجويد رباطة)، هذا العمل يمكن ان يكون مفهوم كتكتيك مرحلي (يعودا بعده لحالة التحالف عندما يستتب أمر السلطة) و ذلك بغرض خلخلة اي تحالف محتمل بين الحرية و التغيير و حميدتي، لكن اسلامويو الصف الثاني ليس لهم مقدرة علي لعب تكتيك كهذا اذ سرعان ما يسقطوا في فخ عداء مفتوح لاسيما اذا طال الأمد و تعقد المشهد و هذا بالضبط ما حدث ففقد الاسلامويين البوصلة!

المصيبة ان كثير من المحسوبين علي الحراك الشعبي -الثوري ينساقون خلف اغراء نقد الدعم السريع و كأنه نبت شيطاني قام منفرداً و علي استقلال و ليس من صنع دولة بكامل مؤسساتها وحزب !!

الحديث عن ان الجيش رفض تبعية الدعم السريع له قبل الثورة و التغيير حديث لا قيمة له و لا جدوي منه!

فماذا افاد ذلك الرفض و الدعم السريع كان قوة علي الارض تحظي برعاية و تأييد القائد الاعلي؟ و يتمول من مال الدولة و يتسلح بسلاحها و ينتشر علي ارضها و يقاتل و يقتل مواطنيها؟

هل تنتهي مهمة جنرالات الجيش بمجرد الرفض؟

الدعم السريع حقيقة شنيعة و لكنه حقيقة يجب التعامل معها كحقيقة.

اما الركون لتوظيف الجدل و الموقف بشأنها لاحراز نقاط في اللعبة السياسية فأمر سيؤدي لكارثة.

الدعم السريع مثله مثل جيش الزبير ود رحمة (الذي وظفته الحكومة التركية لتوسيع نفوذها /في بحر الغزال و دارفور و بعد ان استنفد اغراضه انقلبت عليه بحجة مكافحة الرق و جري تصويره و كأنه هو القوي الشريرة المسؤولة عن مجمل الرق في الكرة الارضية! مع ان الحكومة الخديوية لم تدخل الي السودان الا لإقتناء الرقيق و صيدهم! فقام غردون باشا في مهمته قبل الاخيرة بتصفية جيش الزبير باشا في معارك ضاحنة و دموية و مأساوية و كان هذا احد عوامل قيام و نجاح الحركة المهدية و بالمناسبة فان ثلثي قادة و امراء جيش المهدي كانوا قادة في جيش البازنجر تحت إمرة الزبير و ابنه سليمان).

و الدعم السريع مثله مثل الانكشارية (قوة اسسها سلاطين العثمانيين الاوائل -يتم تجنيدهم منذ ان كانوا اطفال من كل الأمم التي اعتدوا عليها و احتلوا اراضيها و استعبدوا اهلها و يتم عزل الاطفال عن اسرهم فلا يعرفون الا اب واحد هو السلطان- و منحوها امتيازات عالية حتي تحولت الي معضلة و لم تنتهي الا بمذبحة راح ضحيتها الكثيرون و تهدمت فيها عاصمة العثمانيين.

اذا الدعم السريع معضلة يجب التعامل معها و ليس انكارها او التهوين منها فان ذلك سيقود لكارثة، و ستكون امتداد لكوارث الاسلاميون لأن الكثير من السياسيين و النشطاء لا يزالون يتبعون طريقة تفكير و ايحاء الاسلاميين و لو دخلوا جحر ضب !!

علاقة البرهان بحميدتي هي كذلك جزء من هذا التكتيك غير الاحترافي و الاخرق..

 البرهان كالبشير تماماً يعرف ان حميدتي و (جنوده) صانع و خالع ملوك، لذا البرهان حريص علي الاحتفاظ به و ابقاءه تحت جناحه و اذا كان البشير قد ارتكب خطأ واحد فان البرهان يغترف الف خطأ و خطأ !!

 فالبشير صنع حميدتي و نفوذه لكنه لم يدخل معه في أي مشاحنات، فيما البرهان و كلما ظن ان منجاته تكمن في شيطنة حميدتي فانه يفعل بلا حذر !!!

.......................

فبراير ٢٠٢٣م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم تفريغ الجامعات والمعاهد من اي مضمون واضحت الدرجات العلمية مجرد القاب مملكة في غير موضعها...     فاحاديث الرجل لا توحي بشئ في هذا المضمار.. التخصص، كما ان المعلومات المتوافرة في قصاصات الصحف ولقاءات الاذعة لم تفصح عن شئ ايضا!    السيرة الذاتية المتوافرة علي موقعي البرلمان السوداني 'المجلس الوطني' و البرلمان العربي تقول ان البروف-الشيخ حاصل علي بكالريوس العلوم في الفيزياء و ايضا بكالريوس الاداب-علوم سياسية من جامعة الخرطوم! ثم دكتوراة فلسفة العلوم من جامعة كيمبردج. اي شهادتين بكالريوس و شهادة دكتوراة. مامن اشارة لدرجة بروفسير "بروف" والتي يبدو ان زملاءه في السلطة والاعلام هم من منحوه اياها!!    سيرة ذاتية متناقضة وملتبسة تمثل خير عنوان للشخصية التي تمثلها وللادوار السياسية والتنفيذية التي لعبتها!    ابرز ظهور لشخصية الشيخ-البروف كان ابان صراع و مفاصلة الاسلاموين، حينها انحاز البروف لف

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بينها ع

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانتهازيين علي اختلاف مشاربهم ( مؤتمر وطني، و مؤتمر شعبي،اخوان مسلمين، سلفيين، سبدرات، وابوكلابيش، والراحل شدو، اتحاديين الميرغني، و حاتم السر، و الدقير، و احمد بلال، واشراقة سيد، و احزاب امة مسار، و نهار، و مبارك المهدي، وحسن اسماعيل.. الخ ) و غيرهم يحاولون جميعا تصوير الأمر علي انه يعني سقوط البشير لوحده!   البشير لم يسقط وحده، فهو يرمز لعهد باكمله، و يرمز لاسلوب في الحكم و الإدارة وتسيير الشأن العام ( السياسة )، و بسقوطه سقط مجمل ذلك العهد و اسلوب الحكم و السياسة و الادارة..   و سقط ايضا كل من اعانوه او اشتركوا معه و كانوا جزء من نظامه في اي مرحلة من مراحله المقيتة. و حين تقوم مؤسسات العدالة وتنهض لاداء دورها سيتم تحديد المسؤوليات بدقة و بميزانها الصارم و سيتم توضيح ( من فعل ماذا؟ و من تخاذل متي؟ ). البشير لم يحكم وحده حتي وان استبد في اخريات ايامه و سنوات، بل كان له مساعدون و اعوان في ذلك الاستبداد و داعمين لان