التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحركات الشبابـ - سياسية.. ما لها وما عليها

في وقت وجيز استطاعت الحركات والمجموعات الشبابـ-سياسية ان تحجز لنفسها حيز لابأس به في المشهد السياسي وان تشغل مساحات؛ لاسيما إعلامية، قد لايكون سبب ذلك هو قوة تلك المجموعات أو فعالية الفئة التي تمثلها بقدر ما قد يعني ذلك حاجة المسرح للاعبين جدد ودماء جديدة..
  علي اية حال هي اضحت جزء من المشهد بانفتاحه علي كل الاحتمالات "مواجهة أو حوار" لذا ينبغي علي الجميع "بقية اللاعبين السياسيين، محللين، ومراقبين..الخ" أخذهم علي محمل الجد ودراسة حالتهم وذلك بغرض معرفة اسهامهم الحالي والمحتمل، الراجح والمرجوح؛ كما ينبغي عليها هي ايضا (الحركات الشبابية) ان تحمل نفسها ذات المحمل.
   نشأة الحركات:  في السياق الذي قدمنا له تجئ هذه المحاولة المتواضعة، والتي نبدأها بنشأة تلك الحركات..
  إن كان بروز تلك الحركات علي المسرح لاحق لإندلاع ثورات الربيع/ ثورات الشباب في يناير2011م، إلا ان فكرتها بدأت تتبلور في قت سابق لذلك التاريخ باشهر طويلة، وكان كاتب هذه السطور شاهد علي بعض الحوارات والنقاشات التي تدفع باتجاه مماثل، أي انشاء جسم " سياسي-شبابي "؛ وللأمانة كنت أعارض الفكرة من منطلق ان الانتماء السياسي لاتحدده الفئة العمرية أو السن..الخ" إنما يتحدد بتوجه فكري او برامجي .. ودارت تلك الحوارات بين عدد من القيادات الحزبية المعارضة "الشبابية بطبيعة الحال"، وربما تزامن مع ذلك او سبقه تشكل حركة "قرفنا" كحركة شبيابية وان لم تكن قد اعلنت عن ذلك صراحة "شبابيتها" وانتهي بها الحال بأن تقطعت بها السبل قبل ان نستبين ملامحها وتوجهها ولم ترقي لمستوي حركة سياسية وانما حركة ضغط سياسي أو جماعة مطلبية شديدة الشبه بالمنظمات المدنية الطوعية..
  أعقب ذلك ظهور حركة شرارة وتيار شباب قوي الاجماع، بل وحتي المؤتمر الوطني الحاكم برزت فيه مجوعة شبابية تحاول ركوب الموجة ومسايرة التيار؛ وإن كان من الواضح ان هدف "صغار الاسلاميين الحاكمين" هو ايجاد موطئ قدم وابتزاز "كبارهم" ليفسحوا لهم مكانا يمكنهم من المشاركة في عملية الفساد الواسع الذي يدار داخل اروقة الحزب وحكومته بحيث ينال الجيل الجديد من "الفسدة" نصيبه من كعكة المال والنفوذ!!
     برزت ايضا حركة التغيير الأن كآخر  التيارات الشبابية والتي تتألف من شباب لأغلبهم سابق انتماء حزبي ولبعضهم إنتماء حالي خصوصا لأحزاب اليسار والوسط "إن جازت التسمية".
وتعد التغيير الأن مع شرارة وقرفنا نماذج صالحة لفهم الحركات الشباب-سياسية لما تتمتع به من استقلالية "بخلاف شباب قوي الاجماع الذي يمثل شباب احزاب يربطها تحالف سياسي " كما ان لها قدر من الفعالية الملحوظة..
 برغم ذلك الا ان الملاحظ انها وصلت لطريق مسدود و وضعت في محكات ومواقف تقاصرت فيها قامتها وهمتها عن قيادة دفة الفعل السياسي، وانتهت الي ما انتهت اليه الاحزاب التي تمردت عليها وربما مصير اسوأ، فما هي اسباب ذلك المصير؟؟
  بعض الاسباب تتعلق بالتجربة والفهم الشكلي والاجرائي لمتتطلبات العمل الحركي والتنظيمي، لكن ماهو افدح هو الاسباب ذات الصلة بالوعي السياسي الطبيعي والاولي.. فمن الوضح ان أغلب هؤلاء الشباب "ربما كلهم" يفتقرون للوعي السياسي العادي والذي يفترض ان يتوافر لأي مواطن "وليس للنخب!!"، فكما سبق فان الشبابية ليست برنامج بينا علي ما يبدو يظن بعضهم ان مجرد التكتل كشباب يكفي لإفتراع عمل جديد مختلف!!.. ثم ان التقييم غير المنصف وغير العلمي والموضوعي لتجارب الشباب الحزبية السابقة القت بظلالها وتسببت في الاحتقان والاختناق الذي عايشته الحركات الشباب -سياسية، فالبعض خرج علي احزابه وكل ظنه ان سبب الفشل هو الجيل القديم دون برهان علي ان تلك الاحزاب عرفت نوعا من صراع الاجيال داخلها!! ودون دليل علي ان الشباب يعتمد طريقة عمل وتفكير مختلفة "ناهيك عن ان تكون جديدة" وفي يقيني ان الخلافات التي ظلت تعصف وتعاني منها احزابنا لاصلة لها من قريب ولا بعيد بصراع الاجيال بل هو أشبه مايكون بمشاجرات "اجيال المورلي" القبيلة الجنوبية الاستوائية التي ينبني ويتقرر الولاء فيها للجيل أو الشلة بذات درجة الولاء للأسرة!!
ثم ان الانغلاق لم يكن قاصرا علي فئات الشباب فيها وحسب بل  وفي دوائر محدودة جدا فتحولت تلك الحركات الي مجموعات صغيرة ما خلف اشكالات اعقد من ازمات الاحزاب نفسها، قد يكون الخوف من الملاحقة الامنية وقمع النظام سبب ذلك لكن أليس هذا هو ذات مبرر الاحزاب عندما تتهم بعدم الاحتكام للديمقراطية داخل اجهزتها؟؟
  ان الصورة التي انتهت اليها الحركات الشبابية صورة حالكة ومأساوية لكن الجيد في الامر هو انه يمكن تصحيح الاوضاع ببعض الجهد وقليل من الوقت هذا ان كنا نتعامل بذهن مفتوح أما ان كنا نصر علي التفكير بذات العقل الذي يسير احزابنا "حاكمة ومعارضة" فاخشي اننا نحتاج لوقت طويل لإكتشاف ان هذة الطريقة لاتعمل ومن ثم وقت للبحث عن الطريقة الناجعة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...