التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أخلاق الناس في زمن الانقاذ

" قلوبنا مع علي (ك)
فالصلاة خلفه اقـــــــــوم،،
وسيوفنا مع معاوية (رض)
فالطعام عنده أدسم.."
           (صحابه وتابعين وتابعي تابعين باحسان الي يومنا هذا)
                        
                      ((1))
        الصلاة بأجرين
 نشرت صحف نبأ مفاده إن إمام مسجد حكومي " مسجد ملحق باحد الادارات او المصالح والهيئات الحكومية" وهو في الاصل -أي الامام- موظف بتلك المصلحة، يتقاضي بالاضافة لراتبه "كموظف" راتب آخر كامام؛ وان راتبه كامام مفصل (كحوافز وبدلات وعلاوات مقابل اداء الصلوات الخمس في مسجد المصلحة) ، مع العلم بان مساجد المصالح الحكومية!! ولطبيعة العمل الحكومي لا تقام فيها ولا تشهد الا صلاة واحدة هي "الظهر" ،، فان يتقاضي شخص أجر مالي علي اداء الصلاة (اضافة للأجر في الدار الآخرة) لهو امر صعب الاستيعاب والهضم ! اما ان يتقاضي شخص أجران علي عمل لم يقم به (صلاة الصبح والعصر و...الخ) فذلك لعمري فساد غير مسبوق !!
                   ((2))
      صلاة المـــكاء
مالم ولن تنشره تلك الصحف هو ان بعض موظفي المصالح الحكومية وخصوصا المؤسسات والشركات البترولية، يؤدون صلاة الظهر مرتان !! مرة اولي خلف المدير"الرجل الاول في تلك المصلحة" ومرة ثانية خلف نائبه..! فماذا هؤلاء من اداء الصلاة مرتان !! ان ما يقومون به ماهو الا صلاة المنافقين وصلاة مكاء وتصديةعن سبيل الله ، لقد استشري النفاق والعياذ بالله حتب بلغ شأوا بعيدا.
                 ((3))
     صلاة الحـــــــاجة
 ومن الملاحظ ايضا ان بعض ذوي الحاجات لدي الرئيس او أي وزير ومسئول آخر يعمدون لمعرفة اين يشهد "المسئول" صلاة الصبح او العشاء..الخ ، ذلك كي يحرصوا علي شهود الصلاة واداءها بجانبه ومن ثم يعرضوا عليه حاجتهم ويذكروه بغرضهم  فيقضيه لهم ، وتلك صلاة بالتأكيد ليست لوجه الله، هي ليست صلاة الحاجة المعروفة في فقه العبادات وانما صلاة غرض فصلاة الحاجة يعرض فيها المؤمن حاجته علي رب العزة والجلالة ، هذه صلاة الغرض وتدخل في قوله (صلعم) "....ومن كانت هجرته الي امراءة ينكحها أو دنيا يصيبها فهجرته الي ماهاجر اليه"!!
((4))
صلاة البرستيج
   البعض في هذه الايام يحرص علي اداء صلاوته في مساجد المتنفذين والمترفين " مساجد المسلمين من الرتب العليا /درجة اولي" ومن تلك المساجد المسجد الكائن بحي المنشية شارع الستين والمسجد الكائن بحي كافوري، فمسجد الستين يحتاج الي فصيل من قوة شرطة المرور حتي ينظم دخول وخروج سيارات المؤمنين والمصلين، وهو مسجد نفقات تسييره تعادل نفقات تسيير الألاف من مساجد المسلمين الفقراء في نفس المدينة، هو مسجد مهيئ بكل وسائل الراحة ابتداءا من مكيفات الهواء ومراوح الرزاز في فناء المسجد ونظام الانارة وتقنيات الصوت المتقدمة (وهناك اصوات تطالب بادخال نظام شاشات العرض ايضا))!!!!
اما مسجد كافوري فقصته قصة!! فهو مسجد أسس فوق سوق (موول) او اسس تحت سوق لافرق، ولا ادري كيف واتتهم الارادة علي فعل ذلك؟ فماهو معروف كما ورد في الاثر ان الاسواق هي من الاماكن التي يفضلها ابليس اللعين وله فيها راية منصوبة!!
  عندما كان الاسلام موكول الي المسلمين من اهل السودان لم يكن مثل هذا التفاوت حادث بين المساجد ، فما باله يحدث اليوم وقد زعمت الدولة انها دولة الاسلام؟؟ وزعمت الحكومة انها اسلامية وانها ظل الله في ارضه؟؟ أليست المساجد بيوت الله والدولة مسئوله عنها كلها علي قدم المساواة ؟؟ فما بالها تسمح بمثل هذا التفاوت كيف تبيح لنفسها ان ترعي بيوت لله مترفة وفاخرة وأخري فقيرة وعشوائية وبائسة؟؟ هل هو الايمان الطبقي ؟؟
((5))
حج الدستوريين
الحج بطبيعته من اكثر العبادات التي يداخلها المراء والشوفينية، فجاءت الانقاذ وابتكرت انواع من الحج التفاخري بعضه او اكثره مدفوع الثمن من خزينة الدولة، وبذا اصبح من مقتضيات شرط الاستطاعة رضي الدولة او التقرب منها ..
((6))
أهي لله..؟؟
يبدو ان ماتسببت فيه الانقاذ من سلوكيات لااخلاقية ولا دينية هو سمة تلازم كل الانظمة والحكومات الدينية ، هي سمة تلازم الاستبداد باسم الدين، اذ ينتج عن سياساتها تدين مظهري وشكلي وتفاخري ،
فقد حدث ذلك او شبيه له ابان حكم الدولة المهديه علي عهد الامام والخليفة ... كتب التاريخ والسير الذاتية تحكي كيف ان المهدي والخليفة من بعده كانا يحرصان علي ان يشهد كل اركان الدولة الصلاة خلفهما في جماعة، وكيف ان القادة ايضا كانوا يحرصون علي اداء الصلاة خلف القائد الاول وان يراهم القائد كذلك، لأنه ان فقدهم وأرسل في اثرهم فان ذلك سيقود الي ما لاتحمد عقباه،
اهتمت المهدية كالانقاذ بمظاهر التدين المظهري فعصفت الفوضي بالبلاد واضطربت واضطرابا عظيماً، وتفشي الفقر والمجاعات وانهارت الروابط وتهدمت قيم واخلاق، وأخذ البعض القانون بايديهم وغابت شمس العدل والحكمة، حتي قال الناس في وصف تلك الحال "الدنيا مهدية"..
قد يكون الهدف من فرض اشكال تدين هو مرضاة الله كهدف مبدئي، لكن مرضاة الله لاتكون ولاتفرض بسلطان ونفوذ الحاكم لأن هذا يولد النفاق والمراءاة ، وفي الغالب يكون الدافع هو استغلال الدين لفرض السطوة وهذا هو الغالب، علي كل حال المحصلة في الختام واحدة وهي سيادة وتفشي تدين خادع وشيوفيني وكهنوتي.
وها نحن في عهد الانقاذ ومع اختلاف طفيف هو اختلاف مقدار لا اختلاف نوع، نفاق ايام المهدية علي الاقل يبرره المستوي التعليمي والثقافي للإمام والخليفة والأنصار وعامة السودانيين، 
أما في عهد "الايام انقاذية!!" فما هو المبرر يا تري؟؟؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...