التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التغيير بين الكفاح السلمي و .....المسلح

   أصبح التغيير الأن خياراً غالب وله صوت عالي، لكن هناك معوقات متي تم تذليلها سيصبح ناجزاً...
أهم تلك المعوقات هي، مسألة البديل ..والتي لا أسعي لمناقشتها هنا لكن يكفي القول ان البديل هو الشعب طالما ان منطق الدستور والقانون ومنطق السياسة المقبول للجميع يقول ان السيادة للشعب، لذا فان "صاحب السيادة/ أي الشعب" يحق له ان يستعيد سيادته ممن فوضت لهم "وممن سرقوها أيضا" ويمارسها بنفسه "بالاجماع الشعبي" في مرحلة انتقالية تمهيدية لمدة ايام أو اسابيع أو أشهر الي حين تبلور رؤية محددة يطمئن معها وينقل السيادة الي سلطة ذات شرعية جديدة وذات وضع سياسي محدد.
 المعوق الاخر والذي نحن بصدده هو ألية التغيير ،أي الاسلوب الذي يمكن ان يقودنا لأنجاز الاهداف والتي علي رأسها الاطاحة بالنظام الفاسد !!! 
نحن ندعو ونتبني خيار وشعار التغيير السلمي ونري ضرورة التمسك بهذا الخيار حتي النهاية ومهما كانت التحديات، والبعض يدعو ويعول علي التغيير عبر ألية الكفاح المسلح . 
ولست في وارد اثبات افضلية وأولوية العمل السلمي السياسي ..فهذا هو المعلوم من الفكر السياسي بالضرورة ، ولا جدال عليه ولا حوله ، فالسياسة عمل سلمي بطبيعته ،  لكن في حالات محددة ومعينه تعيين دقيق يجوز للمضطر ان يلجأ للسلاح ، وللقوة والعنف من اجل تحصيل نتائج واهداف سياسية .. 
أبرز تلك الحالات هي حالة الاستعمار والاحتلال أو العدوان الخارجي علي الوطن ، وحتي في هذة الحالة تكون شرعية حمل السلاح مستمدة من اجماع الشعب عليها (أي اجماع الاغلبية حسب ما يظهر ) ومتي ما ظهر خلاف بين مكونات الامة فان شرعية حمل السلاح تسقط وذلك تحسبا من ان يعمل اطراف الخلاف سلاحهم في وجوه بعضهم البعض (حماس وفتح مثال/ وحركات دارفور التي اصبحت اكثر من يحصيها مراقب) ، أما في حالات الدكتاتوريات وما يستتبعها من خلافات اهلية فانه ليس من مبرر لحمل السلاح ، 
ان خطأ النظام الانقاذي هو انه دفع الاحزاب وفئات عدة واستفزها لتحمل السلاح ضده لكن خطئة تلك الاحزاب والفئات المعارضة هي انها استجابت لذلك الاستفزاز ظنا منهم ان حمل السلاح ينطوي علي فعل بطولي !! بينما البطولة الحقيقية تتمثل في الصبر والعمل الدؤوب وسط الفئات الشعبية في المدن والارياف وحثها وتحريضها لمقاومة النظام مدنياً لإسقاطه.
 فمصطلح حرب أهلية الذي صكه مفكرون واستراتيجيون غربيون هو مصطلح استخدم بتعسف ظاهر ، وهو غير مقبول في نظري الا في حالة الحروب بين مكونات الامة حقيقة (أي بين القوميات والقبائل) اما في حالة الحروب ضد الدولة والحكومة التي تمثل الشعب دمقراطيا او تحظي بقبول ظاهر فانها لا تكون حربا اهلية بل تمردا وخروج علي سلطة الدولة ، بينما في حالة الحكومة الديكتاتورية فان حمل السلاح يجوز تماما كما في حالة العدوان والاستعمار وبذات الشروط (أي الاجماع الشعبي علي دعم حمل السلاح) ، بالاضافة الي شرط تعزر العمل السلمي السياسي تماما ، وبالتالي في حالة حدوث اي انقسام تسقط هذة الشرعية وينبغي العمل علي اعادة توحيد الامة فكريا.
 إن أولوية اتباع النهج السلمي تسندها الاعتبارات الاتية:
   أولا: ان السياسة بطبيعتها عمل مدني وسلمي، ومتي ما دخلها السلاح تحولت الي حرب ولم تعد سياسه، ويمكن ان ينحرف كل شئ بدخول السلاح ويصعب تصحيح الاوضاع بعدها.
ثانيا: العمل السلمي المدني يمكن القوي السياسية من تطوير خطابها وتجريبه علي ارض الواقع وتجريب تكتيكاتها واختبار وتدريب كوادرها لمراحل مقبلة ..
ثالثا: سياسيا يمكن للقوي السياسية اكتساب موقع جديد وارض جديدة، أما عسكريا فالامر مرهون بالامكانات العسكرية وظروف الميدان ..الخ.
رابعاً: العمل السلمي المدني يجنب البلاد والدولة خسائر الارواح والخسائر الاقتصادية والاجتماعية لأن الحرب تحدث انقسامات عميقة واصطفافات يصعب تجاوزها .
خامسا: نحن جربنا الكفاح المسلح (الحركة الشعبية منذ 1983م وتجربة حركات دارفور منذ 2003م، وبينهما تجربة التجمع الوطني في 1995مفيما سمي بالانتفاضة المعززة والمحمية بالسلاح..وكيف تدعو شخص ليتظاهر وهو يري النارتطلق من امامه ومن خلفه !!.. كل تلك التجارب ماذا كانت محصلتها ونتائجها؟؟ تسويات سياسية بعد ان انحرفت مسيرة الحركة الشعبية واصبحت مجرد حركة انفصالية وتحولت حركات دارفور الي حركات مصلحية بينما مات التجمع الوطني !
سادسا: التجارب العملية، تجارب الامم والشعوب اثبتت ان الكفاح المدني والسياسي هو افضل الطرق لتحقيق المكاسب قريبة المدي"الحرية" والاهداف بعيدة المدي"التنمية والاعمار-الاستقرار"، فلو قارنا مثلا تجارب دول سلكت طريق اللاعنف كالهند وجنوب افريقيا بتجارب دول خاضت تجارب كفاح عنيف كباكستان والجزائر وفلسطين والاكراد نجد ان الدول التي سلكت نهج النضال اللاعنيف حققت نتائج افضل سياسيا واجتماعيا..وأيضا لو قارنا كفاح حركة الحقوق المدنية الامريكية بكفاح الحركة الشعبية لتحرير السودان نجد فروق لاتخفي علي احد.
سابعا: الكفاح المسلح غالبا يقود لحالة الحرب ،البعض يسميها حربا أهلية !! وكما سبقت الاشارة فاننا لانري فرق فالحرب هي الحرب وبعض تلك الحروب المسماة أهلية قسمت بلدان وشعوب .. فكيف تكون اهلية؟؟ 
  قد تكون حرب بين عناصر وطنية لكنها حرب في النهاية وفي الغالب يجد المواطن نفسه مطحونا في أتونها ومظلوما ومهدرة حقوقه من قبل الفريقين المتقاتلين!
ان الكفاح المسلح يضع الافكاروالسياسة في خدمة السلاح - وتلك ازمته - بينما الوضع الطبيعي ان يكون السلاح في خدمة الافكار .
* وازمة الحركات التي تتبني الكفاح المسلح هي ان كادره "المدني في الاساس " يصبح لا هو بالمدني والسياسي الملم بقواعد وابجديات العمل السياسي والقادر علي التعاطي باستمرار مع المتغيرات والمستجدات ،وعلي احداث الاختراق المطلوب في الوقت المناسب والمالك كذلك لموهبة وحس التواصل مع القطاعات الشعبية المختلفة؛ ولا هو بالعسكري المقاتل المحترف والمتمكن من تكتيكات واستراتيجيات وفنون الحرب وقوانين القتال وقواعد الاشتباك. فيصبح تماما كالمنبت الذي لا ظهر ابقي ولا أرضا قطع!.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...